الخميس، 28 فبراير 2008

مدن الشمع





على مُدُنِ الشمعِ صاحَ الغرابْ
تذوبُ على وهْجِ عودِ الثقابْ

بنينا المدائن من كل قوتٍ
لتقذفها الريحُ مثل الهُبابْ

ونَصْبٌ يراقبُ فيها العقولَ
كفزاعةٍ في حقول السِّغابْ

وليلٍ يسابقُ في طولهِ
ظلامَ القلوبِ ونهجَ السَّرابْ

وخبزٌ يعانِدُ جوعَ الفقيرِِ
وسائلَ قوتِ على كل بابْ

عليها تَجَبَّرَ غَضٌ غَشومٌ
تمترس في حصنه ذي القبابْ

إذا شئتَ يوماً حكايا الخيال
وأغربَ منه حكايا عُجابْ

فهيّا امتطي صَهَواتِ العويل
وولي إلى حيثُ رُمْتَ الخَرابْ

ستكتبُ منها حَكايا تطولُ
ولا تنتهي مثل فصْلِ الخِطابْ

ففي كلّ بيتٍ روايةُُ حزنٍ
وفي كلّ ركنٍ ترى الإغترابْ

هناك يَعيثُ القرودُ خراباً
ومن ههُنا يَستجيبُ الكلابْ

جدارٌ يضجّ بريحِِ السّمومِ
ونهرٌ يفيضُ به الإغتصابْ

هناكَ الطُفولةُ صارتْ رياءً
ويُقْفَزُ عنها لِعُمْرِِ الشبابْ

ليحملَ صخراً ينوءُ بكفٍّ
صغيرٍ و يقهرُ كلَّ الصعابْ

سنيناً حلُمنا بلثمِِ ثراها
وحيثُ االبُراقُ استهلّ الترابْ

ولو سجدةً حيثُ أََمَّ الحبيبُ
خيار الورى عند خيرِ الرِّحابْ

حبيب الورى أنت نبض القلوب
وزرع النفوس إذا الخطب شابْ

على حُلْمِ نفسٍ وغفوةِ عينٍ
فَقَدْنا خِلافَكِ أَغْلى الهضابْ

فَرُحْنا نناجيكَ حينا بحزنٍ
ونسرقُ حزناً لتلكَ الرحابْ

فما بينَ وَجْدٍ على خيرِ تُرْبٍ
وبين الْتِياعٍ وخَلْفَ الحِجابْ

تَلَفَّتُّ شرقا إذا الشرقُ أمسى
يُدَنَّسُ تحتَ نعالِ الغِضابْ

بصُرْتُ القرود ينالون جهراً
من المصطفى هل عدمنا الجوابْ

فَخِلْتُ السيوفَ بأيدي الرجال
مِذَبَّاتُ سَعْفٍ لِطَرْدِ الذُبابْ

فغارتْ جنانٌ وزالتْ بُروجٌ
كما الريح تذرو بقايا احْتِطابْ


وأرْسَتْ على القاعِ شُمَّ القُصورِ
كما الشمعُ ساحتْ عظامُ القُبابْ

وتهوي رؤوسٌ وتذوي نُفُوسٌ
وتعلو علينا صغارُ الذئابْ

عُيونٌ تَزاوَرُ مما اعتراها
فَمَنْ للكرامة مَنْ للعِتابْ ؟

لسانُ الوَرى ودُعاءُ النزيف
بألا يلي في التَوَلّي شِعابْ

وألا يباغِتُنا الصُّبْحُ يوماً
وليس لنا في السماءِ شِهابْ