الأحد، 27 يناير 2008

القضيه

القضيه

صرت كالمحروقِ من لفح القضيه

أكلوا فيها لحوماً آدميه

بعضهم باع الثرى بل والبرايا

وانزوى الشرفاءُ يرثون الأُُُُخيه

في جوى بغداد ينعون الثكالى

مرةً في القدسِ أو حيفا الأبيه

طفلة في كفها صخر المنايا

وأنا أرثي بقايا القادسيه

وصلاح الدين يسقي دمعه

أرض حطين التي باتت سبيه

وعلى أطلالها بات الغيارى

خالد تنعاه يرموك السخيه

وانبرى طفلٌ يغني لحنه

من أهازيج شجت طهر البريه

أمه غذته مع ألبانها

كيف يطوي صفحات جاهليه

هو يرمي حمما وجه السواد

طفلةٌ رفد له دون المنيه

خلفه تهديه من حصبائها

فهي تُحمى في أياديه القويه

يرمها من قلبه جبارة

فتُحيلُ الأرضَ زلزلةً دَويَّه

وأنا أغفو على أمجادنا

أنْدُبُ الحظ الدني بين البريه

أرقب الأيام حلما ومنى

بين أنيابِ الثعابينِ هُويه.

الاثنين، 21 يناير 2008

لمن أعتذر

لمن أعتذر

إذا جاء يومي وبتُّ وحيدا

بليل اللحودِ،

لمن أعتذرْ؟

إذا مارجعتُ إليك إلهي

إذا ماوقفتُ أمامَ الحسيبِ الوحيدْ،

وقال اعتذارك،

لمن أعتذرْ؟

لرب حبيب، وجئت إليه بشتى الذنوب؟

لأمٍ عققتُ وكان جزائيَ صفحُ الحبيب؟
لأبنٍ تربى ببيتي بفُجر وزيف وكسر القيود؟

لبنت تبدد من وجنتيها حياء البتول؟
لجار بِحُرْماتهِ كنت يوما أصول؟

لتلميذةٍ علمْت خلف الكواليس فن الغواية؟

وطالبِ علمٍ سردتُ علية فنون الخداع بفن الجباية؟

وأرضٍ ستلعنني ماحييتُ وبعد الممات ؟

وأرضٍ غفلتُ فضاعت وضاعت كرامة شعب الوصاية؟

لسيفٍ بيومٍ عصيبٍ غدرتُ به؟
وألقيتُ عني بساح الوغى ؟

لصحبٍ توليتُ عنهم بتلك الثغور؟

إذا الحرب صارت رحاها تدور؟

ونادوا ، إلينا! فكنتُ الجبان الصغير الحقير؟

لبقعةٍ أرضٍ تَرَوَّتْ وصارت عروق الشهيد المداد؟

تركتُ خطوط الجهاد؟

فررتُ لأنجو بروحي إذا السيفُ ماد؟

لمن أعتذر؟

لأهلٍ جعلتُ المذلة عنوانهم؟

لبيت تمزق بعد الطلاق؟

لأركضَ خلفَ سراب الكؤوس

وخلف الحسانِ إلى الإنزلاق؟

لمن أعتذر؟

لأختٍ بكتْ من فؤادٍ مُعَنىّ؟

لأم هجرت بدار المسنين ظلما؟

لأرضي بذلك زوجا علينا تجنى؟

لمن كان يسعى علينا صغارا

ليصنع مني جدارا

لأحميه يوم انحاءٍ وعجزٍ

ويوم يدور الزمان ليأخذ ثأرا؟

لمن أعتذر؟

لهجر الكتاب وصحبة كأس الشراب؟
لنفس تعدت على ألف باب؟

لقلب تحجر دون القلوب؟

وعين تعدت على كل ستر ،

ولفظ تغنى بنم وذكر العيوب؟

وإذن تهيم غراما بسقط الحروف

وتسمع كل كذوب؟

لمن أعتذر؟

لسائل قوت نهرتُ، ضربتُ، طردتْ؟

و مسكينةٍ في الدربِ يوماً هزئتْ؟

لمن أعتذرْ؟

ومن يومها سوف يقبلُ مني اعتذارا؟

فكلّ يقولُ عليّ بنفسي ويهربُ مني فرارا؟

فليس لغيركَ مأوى،

وليس بغيرك مَنجى.

سآوي إليكَ وألقي عليكَ السلامْ.

فأنت السلام.

وأدعو، إليكَ إلهي اعتذراي.

فأرجوكَ ربي لتقبل مني.
فإني أتيتُ بكل الذنوبْ

وأحمل كل العيوبْ.

ولكنّ عُذري الوحيدْ،

بأني مُوحِّدْ،

وإنك أنتَ العزيزُ المجيدْ.

02-01-2008

السبت، 19 يناير 2008

مبضع حصيف

مبضع حصيف


أخيرا قررت وعزمت الرأي على أن أنشر إحدى قصائدي في إحدى الصحف المحلية . بعد جذب وشد وتردد كبير وبعد كل هذه السنين التي مرت . لكن المشكلة أية قصيدة أختار؟ فكلها مثل أولادي لها نفس المكانة في قلبي. كلها عصارة عقلي وأهات قلبي وآلام عمري ودموعي التي سطرتها على صفحات دفاتري. أيها أنشر وبأيها أبدأ؟ لكي لا أغضب قصيدة وأسعد غيرها قررت أن أضع دفاتري وأوراقي وأن أنثر ها أماممي كالدرر ثم أغمض عيني وأضع أصبعي على إحداها. وهذا ماكان.
أخذت القصيدة التي وقع عليها الاختيار، قرأتها، أعدت كتابتها على ورقة نظيفة جديدة و بخط جميل ثم طويتها ووضعتها في مغلف يليق بها وكتبت عليها عنوان الصحيفة ثم هممت بالخروج لاضعها في صندوق البريد. في تلك اللحظة كانت زوجتي تدخل الغرفة وبيدها القهوة . شاهدت المغلف بيدي. نظرت إلي وقبل أن تسألني وباعتباري زوج بار بزوجتي عاق لنفسي بادرتها بالإجابة على سؤالها الذي لم تنطق به:" إنها إحدى قصائدى، سأرسلها إلى صحيفة "صوت الشعب" للنشر."
لم أستطيع تفسير النظرة التي علت وجهها. ملامح لم أعهدها من قبل. وجهها رسم تعابير غريبة كل الغرابة لم أعتد عليها. لم تنطق بكلمة. قالت:" تفضل القهوة" ثم تناولت المغلف، فتحته وفتحت الورقة وبدأت تقرأ بصمت. ثم نظرت إلي وقالت:" مارأيك ان تسمع مني قبل أن أن ترسلها." قلت لها:"تفضلي، ماعندك؟"
" ياابن الحلال، أنا أعرف أنك شاعر ممتاز، وشعرك رائع، لكن لم يقرأ شعرك أحد غيري، فما رأيك لو تعرض هذه القصيدة على رجل تثق به ويمتلك القدرة على نقد الشعر ؟ هه ، ماذا تقول؟."
لم أتردد لحظة بالموافقة نظرت إليها مبتسما وقلت:" نعم الرأي." وأول اسم خطر ببالي هو الاستاذ حصيف. فهو رجل يهتم بالأدب عموما وبالشعر بشكل خاص. وهو رجل معروف على الساحة الأدبية ولابد أنه يذكرني ، فقد كنت أحد طلابه المقربين ايام الجامعة وكان يشجعني على الكتابة باستمرار ويقول لي أنني أمتلك القدرة على الابداع. شربنا القهوة ثم أعدت القصيدة الى مغلفها وأخبرت زوجتي أنني سأعرضها على الاستاذ حصيف. تمنت لي التوفيق وهي تبدي ابتسامة تخفي ماتخفي.
توجهت من فوري نحو منزل الاستاذ حصيف في طرف المدينة الغربي. لحسن حظي هو من فتح لي الباب. وقف هناك يتمعن في وجهي متسائلا، بادرته بالتعريف بنفسي فما كان منه إلا أن رحب بي بحرارة فلقد تذكرني على الفور ثم دعاني لدخول منزله.
بعد شرب الشاي، قصصت عليه ماكان من أمري فضحك وقال:" نعم الرأي يابني، نعم الرأي"
ناولته القصيدة فما كان منه إلا أن أخرجها ثم بدأ يقرأ. أخذ وجهه يتقلب مرة يقطب جبينه، ومرة يحرك شفتيه باستغراب، ومرة يهز رأسه رافضا، ومرة يتبسم. كنت مع كل حركة من حركاته أفعل كما يفعل وكأنني مرآة له أعكس ملامح وجهه.
فجأة تحرك من مكانه واتجه نحو الطاولة، تناول قلما أحمر ثم عاد. أخذ هذه المرة يقرأ ويضع خطوطا ودوائر حول بعض الكلمات وتحت بعض الأبيات. كنت أسترق النظر إلى مايفعل حتى بدت لي القصيدة وكأنها موضوع تعبير ملىء بالأخطاء لكثرة العلامات الحمراء.
وضع الاستاذ حصيف الورقة على الطاولة ثم قال لي:" اسمع يابني، أنت شاعر، وتمتلك القدرة على التصوير والوصف، والموسيقى في شعرك لاغبارعليها، لكن قصيدتك مصابة بالمرارة."
قلت مندهشا:" مرارة! كيف ذلك؟ المرارة يصاب بها الإنسان، أما القصيدة....كيف ذلك؟"
قال:" لاتتعجل يابني. نعم المرارة. قصيدتك مصابة بالمرارة بشكل كبير ويجب أن نستأصل هذه المرارة حتى تصبح صالحة للنشر، ولكي لاتسبب مصائب أخرى أنت بغنى عنها. وسأبين لك. مثلا هنا " الورد تحت نعالكم" وهنا "من باب الجنة أخرجنا.." وهذه" بغداد في أعناقكم..." وهذه" مهد المسيح يسبكم..." وهذه" من جوعنا قد شيدت قصوركم..." وانظر إلى هذه المفردات" تبا لكم... هيا ارحلو... من جهلكم....وكلابكم....بسياطكم....." كل هذه يابني تعتبر كالأورام السرطانية ويجب التخلص منها على الفور وإلا فالويل للقصيدة"
سألت:" ماالعمل ياأستاذ؟ ماذا تنصحني؟"
قال:" أنصحك أن تغير هذه الأبيات ولاتفكر أن تنشر هذه القصيدة قبل تغييرها. أو فكر بنشر قصيدة أخرى غزلية مثلا . ولا تتردد أن تريني قصائدك قبل النشر. ولا تريها لأحد غيري. فلا قدر الله لو رآها ناقد آخر فلربما اعتبرها فايروس يجب التخلص منه. ولاعتبر كاتب القصيدة يشجع على نشر الفايروسات والجراثيم المعدية للصحة الشعرية ولأوصى بوضعك أنت وشعرك في الحجر الصحي. ولا يخفى عليك هناك لديهم الكثير من وسائل العلاج الغريبة. فيابني فكر بالأمر."
شكرت الاستاذ حصيف كثيرا على نصحه، وخرجت من بيته وأنا أحمد الله مرة لأنني لجأت للاستاذ حصيف، ومرة لأنه رزقني بزوجة لاتقل حصافة عن الاستاذ حصيف.

عزف منفرد على وتر الأحلام

عزف منفرد على وتر الأحلام


كانت تأتيني في العتمهْ
بفؤاد ينبض بالآهاتْ
ويسيل الجدول من ثغر
ويفيض على قلبي نسماتْ



تأتي كي تجعل صحرائي
مترعة وردا وقرنفلْ
مترعة من زهر النرجسِ
تنثره قبلا لا أجملْ

كانت تأتيني في نومي
كانت تأتيني في صحوي
كالقمر الخائف في الغيم
يتخفى مني إذ يهوي



كانت تجلسني في ولهٍ
للصمت وللهمس ضجيجُ
تقذفني سهما في قلبي
يطرحني والموج يهيجُ

تفضحها عين من نهمِ
توقد قنديلا تلهبني
وأذوب كفتلتها أذبلْ
كانت كالطيف تخللني
مشحون في شئ مثقلْ
كالطفل أحن لضمتها
للدفء وللحضن الأجملْ
آه كم كنت أبعثرها
من صمت في ستر مسدلْ



وتسيل جداول أشواقي
كي تروي زهرا في صدري
أحيانا كانت ترياقي
في وقت قيامي للفجرِ
أتيمم خشية إغراقي
أو أغرف من شغف النهرِ
وأصلي، كيف؟ فلا أدري!



فتلملم أشلائي ورقا
وحروفا تجمعني نصا
وقصيدة حب تشدوني
تتسلى في وجعي قصا

أحيانا كانت تذهلني
تغرقني في بحر هائجْ
من قصص العشق وألوان
لأسافر في لحظ داعجْ


تغفو في حلمي غايتها
أن تفسح دربا للصبحِ
وشروق الشمس وبهجتها
وهطول الطل على الوردِ
والبدر يودع طلتها


فتغازل نجمات الكونِ
تغوي النجمات فتلهبها
عند الإصباح تغادرني
غيمات الفجر مطيتها


أجتر بقايا تنشيني
في غير الموعد تأتيني
مسرجة ريحان الحقلِِ
يسبقها عبق يرويني



وتوشي صدري أوسمةً
فيهيج النبض تواشيحا
تتغنى بحروف القلبِ
أنغاما لرؤانا روحا



تأتيني في غفلة عينِ
لتلملم أشتات شجوني
مابين اليقظة والحلم
فأميل إليها بجنوني


اللهفة تفجُر بركانا
بعناق النسر مع القممِ
فتغيب وصهوة مهرتها
ويتوه شراعي في العدمِ


08-12-2007

ســأســتــجــدي

سأستجدي

تذكرْ سيدي أرجوك صيحاتي
ولا تسخر.

سأستجدي رغيف الخبز
كي أحيا،
وأستجديك لو سيفا
ولو خنجر.

لكي أحيا وكي تحيا
تذكر أنني ياسيدي ذكّرتْ !!
وقد أعذر من ذكر.

حياتي كلها من ذرةٍ أصغرْ.

ولكن سيدي قل لي!
إذا قيست كرامتنا بهذا الكون
من أكبر؟

لتفتح سيدي للعز نافذة
نهايتنا بدت تخجل
دروبٌ تحصد الآلاف بل أكثر.

وأمراضا جناها بعضُنا جوعاً
وبعضٌ حازها شبعا
ولا ننسى بلايا القلب والسكر.

وآلافٌ ضحايا الإيدز
وآلافٌ ضحايا القهر
وآلافٌ ضحايا العصر،
وآلاف يضيع شبابهم هدرا لغانيةٍ
وآلاف فراغ الروح يحصدهم
فأخبرني : بربك سيدي قل لي!
فمن يربحْ؟
ومن يخسرْ؟

لتسمع مرة صوتي
وصوت الشعب إذ يهدرْ.

لتوقف هذه الظلماتْ.
وتفتح فتحة للضوء كي يعبر.

فهذا مهجتي، وطني
فأرجو لحظة فكّرْ.

بربك سيدي قل لي !!
فمنْ يُرْجعهُ إن أدبرْ؟

10-12-2007

بــغــداد في العــيـــــــد

بغداد في العيد


بغداد تبكي والفرات ينوح
والقادسية قلبها مجروح

في العيد رائحة الشهيد زكية
والحبل يسرد قصة ويبوح

في العيد طفلك بائس وتغصه
ذكرى توجج ناره وجروح

ولدجلة آه تهيج لوقعها
ناعورة العاصي عليه تجوح

الروح عندك والفؤاد قرينه
يغدو اليك بحزنه ويروح

لكن سيفي والجوارح كبلت
وابن الوليد بسيفنا مذبوح

النار يابغداد أججها لنا
جار حقود وجهه مكلوح

يابن المقوقس هل جنيت ثمارها
عرش يزول وصوتك المبحوح

النيل يصرح والمآذن تشتكي
والشعب يلهج والحروف تنوح

النار تزحف والفحيح بوجهنا
جرح يفور وقد يليه قروح

بغداد ماعادت رباك بهية
ماعاد زهر الروض فيك يفوح

لكنْ دماء الأبرياء تقاطرت
سيلا فتُسقَى أسهلٌ وسفوح

نامي بلادي فالتخوم منيعة
وبنو القرود زعيمهم مذبوح

وبنو الخنازير الذين عرفتهم
قتلى بسيفكَ يافتى ونَصوح

بغداد نامي فوق صدري واسمعي
أنات قلبي واللظى مطروح

بتنا نعزي يوم عرسك حالنا
يوم اغتصبتِ وذلنا مفضوح

جزء يبيت الموت في أركانه
والنصف أركسه إليه نزوح

ماعاد بيتك للضيوف مشرعا
ماعاد يجتذب النسور طموح

كيف الحروف ستشتكي أجيالنا
هل ظل في لغة الهوان شروح

تاريخنا يندى لذكركَ كاتبٌ
ومداد خطك مخجل مكلوح

أنبار فيك أشاوس خطّوا لنا
قبسا منيرا تنتظرْه صروح

كفٌّ من الرحمن باركَتِ الذي
للخيل يسرج والرماح تلوح

يهوي على غاز فيخزي
هامة فيذلها إذ وجهها مقبوح

ستعود يابيت الرشيد بإذنه
رب الورى وبنصره ستبوح

وتعود للدنيا منارا تعتلي
صرح العلوم وبابك المفتوح

جرح من الجولان

جرح من الجولان


جرح من الجولان نزَّ بأضلعي
فارتد من ذاك الصدى في أدمعي

أنا نازح أنا لاجئ أو تائه
ومشرد في الأرض صوتي مدفعي

منذ الطفولة ساكن في خافقي
شبنا وظل الجرح محمولا معي

لاسامع في الكون يشعر مابنا
رب البرية وحده في مسمعي

لووا رؤوسهمُ وقالوا سخفهَم
وبنوا قصورا من نزيف مواجعي

وتعللوا بالوهم حتى أصبحت
تمتد فينا تُرهات الخُنَّع

جولان في القلب الذي قد هَدَّهُ
من طول ترحال الحبيب المولع

من كل شبر من ثراها في دمي
دفقٌ ويجري إذ يُرَوَّي مَوْجعي

من كل نهر كان يسقي أرضها
هو في كياني دافق في مدمعي

إجزاء جسمي كُوِّنَت من تربها
لا بل عظامي من صخور المَقْلَع

نفحاتها لو مع نسيمٍ أقبلت
أحيتْ بِيَ النفس كصدر المُرضع

أنا من ثراك الثر أُرضعتُ الهوى
بل من فيافيك ارتوى قلبي السَّعي

ترى هل يعود الود ياجولاننا ؟
أم هل تراني راحل للأوسع ؟

بــلاد الــعـرب أوطاني

بلاد العرب أوطاني

بلاد العرب أوطاني .....حفظناها لأزمان

زرعناها بأنفسنا....... سقيناها ببستان

كتبناها بأوردة........... دماء عبر أبدان

رسمناها بدفترنا .........شعارات لعنوان

وظلت في خواطرنا...... جدارا حول بنيان

وأنشدناك أغنية.......... كأحلى مابألحان

وتسري في العروق دمــــــا يغذي كل أركاني

كبرنا وهي في دمنا......... تقوينا بسلطان

وتدفع أنفسا تفدي..... قَصِيّ الأرض والداني

لما لا يا أحبتنا؟ ......."بلاد العرب أوطاني"

وأسمينا أحبتنا.............. بغسانٍ وعدنان

وأسمينا حرائرنا........... بقدس بل وبغدانِ

رفعنا هامنا فخرا............ بأمةٍ خير إنسان

نبي قد بنى مجدا............. بوحيٍ آيِ قرآن

بشرع الحق أرشدنا........ لنهجِ الفوز بجنان

كبرنا يا أحبتنا ..............على وهم وإدمان

رأينا أننا صمٌّ............. ونبصرُ مثل عميان

خُدعنا في مسيرتنا.......... بأصحاب وخلان

فلسطينٌ غدت سجنا.......... لشعبٍ آمنٍ حانِ

يقتل بعضنا بعضا............ لحكمٍ أو لسلطان


وبغدادُ الرشيد غدت.......... تَمَزّقُ شتى ألوان

لسنيٍّ وشيعيٍّ.............. وكرديٍّ وعثماني

وبيروتٌ بدت مِزَقاً.......... وما عادت بلبنان

وبنتُ النيل نجهلها............ أَمِنَّا أم لغربان

وفرعون بدا فيها........... يوالي كل عدوان

أَجُبْنٌ أم لمصلحةٍ ؟......... كلا الأمرين مُرَّان

زعامات تداعبنا............... بأقوالٍ باتقان

بدينٍ واحدٍ دِنَّا................. تفرقنا لأديان

فسني وشيعي.............. وزيدي وروحاني

أباضيٌ ودرزيٌ .............ووهابِي وصوفانِي

وقالوا ذي مذاهبنا........ وليستْ محض أديان

إذا كانت مذاهبكم.......... لم التقتيل أعماني ؟

كذبتم، ذلكم شرع.......... وصار الحق بهوان

وقائمةٌ إذا تُلِيَت............. يطول العَدُّ إخواني

فلا نجد غدت نجدي........... ولا يَمَنٌ بأيماني

ولا شامٌ هي الشامُ ............ولا بغدانُ بغداني

ولا مصرٌ لها زخمٌ............. كما كانت لأزمان

وصرنا نجهلُ الأسمـــــــــــــــاءَ ما ندري بتطوان

لسان الضاد نلويهِ........... بِعُجْمِ القول تلقاني

نفاخر أننا نحشو............... فصاحتنا بألحانِ

عروبتنا أضعناها............ شربنا كأسها الراني

وبعنا تربها نفطا............... إلى قردٍ وسعدانِ

وخنزيرٌ بساحتنا ..............يجول بكل بستان

كرامتنا غدت أثرا.............. وماضينا لنسيان

وأمجادٌ غدت قصصا........... نذاكرها لصبيان

تركناها مكارمَنا............. وما عُدنا بفرسان

هجرنا سيف عزتنا............. لباغٍ ظالمٍ جان

فهل بقيت قصيدتنا.... "بلاد العرب لأوطاني" ؟



07-10-2007

انــتــحــــــــــار







انتحار

راقبتها في يده تحترق
والسحب من خيشومه تنطلق


يملأ جو الحاضرين بالأذى
ينفثُ سما قاتلا لا يَرْفق


في صدره حشرجة ثقيلة
جلاسه من سعلة يـَفَـرَّقوا


من حوله الجدرانُ صار لونها
السوادُ أو كالحة تَزْرَوْرِقُ


صِبْيَتُُهُ في حيرةٍ من أمرهمْ
رائحة الدخانِ منه تعبـق


لو جلسوا لديه كان حظهم
منه كمنْ صاحبهُ المُخَنـَّقُ


لكنهم لِبِرِّهِمْ ياويحهم
جاءتهم الأمراض والتَرَقُّقُ


والدُهُمْ في غِيِّهِ مُسْتَمْسِكٌ
قد خالَ أن فعلهُ لا يؤرِق


لكنه لجهلهِ أنبتهم
عظما رقيقا والرجولةُ تُخفق


جسمٌ عليهِ بات لا يقوى على
حمل رغيفٍ أو ذُُرىً يَسَّلَّقُ


لحمٌ ذوى من جسمهِ كأنه
فوق لهيبِِ النَّارِ بات يُحرَّق


أنصحه أرشده لايرعوي
بل إنه كالصخر لا يَرَفَّقُ


عيناه في حجرهما قد غاصتا
مثل الذي قد نال منه الأرقُ


في وجنتيه صفرةٌ وكلحة
فالموت بات في الخلايا يُحدق


يحمل في أُنـْمُلِهِ قـاتـِلَـهُ
يعشقه وهـْوَ بِهِ مُعَلق


لله در قاتلٍ بِمَلْكِنا
نأْجُرهُ لقتلنا فَيَصْدُقُ


18-01-2008


إنها آلاء قلبي




إنها آلاء قلبي

صَفَّق القلبُ لها قبل يدي
عندما أشرق فجرُ المَوْلد

رحمةً مهداة من ربِّ الورى
فتنةَ الدنيا وحِرز المشهد

كَبُـرت بين الأزاهير التي
سبقتها في رياض السُؤدد

زحفت قامت وسارت مثلما
تركض الأيامُ نحو الموعد

وقطارُ العمر يمضي مسرعا
ليس يُرجِي للورى من موْعد

كلما جازتْ سنينا خلتُها
ماتزال البرعم الغضّ النَّدي

تلك آلاء التي إن أشرقت
غسلت قلبي بماء الـبـَرَدِ

وإذا أَنّتْ أخالُ كأنما
مثل سهمٍ قد رسا في كبدي

عينُ قلبي قد هَمَتْ من آهِهِا
أجَّجتْ عيني كنار الموقد

كابـِحا عقلي جماحي فانزوى
يندبُ العجز فَقِيد الـجَّلد

قال هيا أنتَ منها قلبها
وهي تجري في عروقِ المَوْرد

تلك آلائي التي ربيتها
في خصالٍ من سجايا أحمدِ

أنعَمَ الله عليها بالهُدى
"كن" من الرحمنِ فيها نهتدي

أصلُها من كابرٍ عن كابرٍ
ورثت خير طباع المحتد

كلما تشدو بلحنٍ صوتها
مثل عزف البلبل المنفرد

لألأَت أنوارُها في ظلمتي
فاستحالت لنهارٍ أرغد

حين تَثْني عودَها راقصةُ
يصبغ الوجهَ بلون مُوْرِدِ

ياعيون البَوْحِ مابي حِيْلة
عاشـق هام بـِحُبِّ الوَلَدِ

حين تُرخي لفؤادي سـِرَّها
تضحكُ الدنيا وأنسى كَمَدي

يَبْسِم الثَّغْرُ فَتُبْدي لؤلؤا
ولـُجَيْنٍ راقدٍ في العَسْجَدِ

ياعيون الغيد مُوتِي كمداً
عين ريـمٍ زُيِّنَتْ بالإثمدِ

لو دَرى الهدهدُ من أخبارها
مالِبَلْقيس وأمرَ الهدهدِ

لهف قلبي لو مضت عن ناظري
يستبيحُ العينَ طولُ السُهُـد

غضةُ العودِ كريحان الرُّبى
أو كزهرِ الفلِّ في صبحٍ ندي

أرختْ الشَعْر على أكتافها
كحريرٍ فوق نحرِ الخـُرَّدِ

لو رماها حاسد من وردهِ
لرأى مني هياجَ المُزْبِدِ

لو مشتْ بين الرُّبى مال لها
وانتشى الزهرُ بعطر المَشْهَدِ

لو أَشاحَتْ وجههَا نحو السَّما
لانتشى النجمُ بمرأى الفَرْقَدِ

كلما أخلو لربِّي لحظةً
تلهج الروحُ بحمدِ الأوحَدِ

كلما أديتُ فرضي أدْعُهُ
يـجلبُ الخير لها للأَبَدِ

ليلةَ القدرِ وأرواح الرضا
وفؤاد الساجدِ المُسْتَنْجِدِ

تبرأُ النفسُ الى خالقها
بقبولٍ يومَ كشف العُهَدِ

أخذتْ مني ثواني خَلْوَتي
أخْرَجَتْني من نعيمِ تَهَجُدي

بين دمعي وَجِلاً مُبْتَهِلا
وفؤادٍ في هواها مُخلِدِ

مِلْتُ والعينُ بَدَتْ أسرارُها
فارْتـَمَتْ تبكي لمحضِ المشهد

غفر الله انشغالي بالتي
أخذتني ليس غيركَ مُنْجِدي


26-12-2007

الجمعة، 18 يناير 2008

مدن الشمع

مدن الشمع

على مُدُنِ الشمعِ صاحَ الغرابْ
تذوبُ على وهْجِ عودِ الثقابْ

بنينا المدائن من كل قوتٍ
لتقذفها الريحُ مثل الهُبابْ

ونَصْبٌ يراقب فيها العقولَ
كفزَّاعةٍ في حقولِ السِّغابْ

وليلٍ يسابقُ في طولهِ
ظلامَ القلوبِ ونهجَ السَّرابْ

وخبزٌ يعانِدُ جوعَ الفقيرِ
وسائلَ قوتِ على كل بابْ

عليها تَجَبّرَ غضٌ غشومٌ
تمترس في حصنه ذي القبابْ

إذا شئت يوما حكايا الخيال
وأغربَ منه حكايا عُجابْ

فهيّا امتطي صَهَواتِ العويلْ
وولي إلى حيثُ رُمْتَ الخَرابْ

ستكتبُ منها حَكايا تطولُ
ولا تنتهي مثل فصْلِ الخِطابْ

ففي كلّ بيتٍ روايةُُ حزنٍ
وفي كلّ ركنٍ ترى الإغترابْ

هناك يَعيثُ القرودُ خراباً
ومن ههُنا يَستجيبُ الكلابْ

جدارٌ يضجّ بريحِِ السّمومِ
ونهرٌ يفيضُ به الإغتصابْ

هناكَ الطُفولةُ صارتْ رياءً
ويُقْفَزُ عنها لِعُمْرِِ الشبابْ

ليحملَ صخراً ينوءُ بكفٍّ
صغيرٍ و يقهرُ كلَّ الصعابْ

سنيناً حلُمنا بلثمِِ ثراها
وحيثُ االبُراقُ استهلّ الترابْ

ولو سجدةً حيثُ أََمَّ الحبيبُ
خيار الورى عند خيرِ الرِّحابْ

على حُلْمِ نفسٍ وغفوةِ عينٍ
فَقَدْنا خِلافَكِ أَغْلى الهضابْ

فَرُحْنا نناجيكَ حينا بحزنٍ
ونسرقُ حزناً لتلكَ الرحابْ

فما بينَ وَجْدٍ على خيرِ تُرْبٍ
وبين الْتِياعٍ وخَلْفَ الحِجابْ

تَلَفَّتُّ شرقا إذا الشرقُ أمسى
يُدَنَّسُ تحتَ نعالِ الغِضابْ

فَخِلْتُ السيوفَ بأيدي الرجال
مِذَبَّاتُ سَعْفٍ لِطَرْدِ الذُبابْ

فغارتْ جنانٌ وزالتْ بُروجٌ
كما الريح تذرو بقايا احْتِطابْ

وأرْسَتْ على القاعِ شُمَّ القُصورِ
كما الشمعُ ساحتْ عظامُ القُبابْ

وتهوي رؤوسٌ وتذوي نُفُوسٌ
وتعلو علينا صغارُ الذئابْ

عُيونٌ تَزاوَرُ مما اعتراها
فَمَنْ للكرامة مَنْ للعِتابْ ؟

لسانُ الوَرى ودُعاءُ النزيف
بألا يلي في التَوَلّي شِعابْ

وألا يباغِتُنا الصُّبْحُ يوماً
وليس لنا في السماءِ شِهابْ

17- 01-2008

عبرة إلى الشام

عَبرة إلى الشام
ألا للشام شوقِيْ لا يُحدُّ........ففي نسماتها للروح وِرْدُ
أتيتكِ يا شآمُ وليس عندي.....سوى قلبي وضيفُكِ لا يُردُّ
أُُعاقِرُ سطوة الإعياءِ وجداً......وَيَرْقُبُ في حَنَايا النَّفْسِ وَعْدُ
بقايا غُربتي في الوجه صارت.....مَعَالِمُ لَوْعَتيْ وَلَهُ تَخُدُّ
فَلاسْمَك يا شآم على شفاهي......كأنغامٍٍ تُغنّى وهو فْرد
أَحِنّ إليكِ مثلُ الطفل دوماً ........إلى أمٍٍّ تهدهدهُ وتَحْدو
وودي للحبيبة مثلُ نهرٍ.........وشِعري زورق العشّاقٍِ يغدو
لَيرْسو مركبي في كل مَرسى....ولا يرويهِ غيرُ الشامِ وِِرْد
فهلْ يروِيِ الفُؤادَ سِقاءُ قومٍ ........سوى بردى؟ فذا للقلبِ بَرْد
فما لمراكبي شطٌٌ لِتَرْسو ........ولا رُبّانـها للـبـيـنِِ جَلْد
فلا بغدادُ أمستْ لي ملاذاً ......ولا وَجَـدَ الدواءَ القلبُ بعدُ
ولا غيدُ الرياضِ مَلَكْنَ قلبي.....ولا سَلَبَتْ لُبابَ الصّبّ نَجْد
ولو جاءت حسانُ الكونِ تَتْرى....لما استهوى فؤادي عنكِ حَشْد
فلا فاقتْ بلادُ السّنْدِ حُسْناً.........ولا بجمالها فاقَتْكِ هِنْد
ولو غَنّتْ طُيورُ الشوقِ دهْرا......لما طرِبَتْ لغيرِ الشّامِ تشدو
فكمْ أهدى لك الأقمارُ شعراً....وكم أرْدى الكواكبَ منكِ خدُّ
تُجدّلُ للشآمِ الشمسُ صُبْحاً......جدائلَها ويروي الحُسْنَ قدّ
تجولُ بخاطري الآهاتِ وجْداً.....وتضطربُ الجوارحُ إذ تَرُدّ
فدمعي عن لساني باتَ يروي....من الأعماقِ لهفاً يَسْتَمِدّ
حَزِِنْتُ لأنني أَبْحَرْتُ عنها.........وأدْرَكْتُ الضنا واليمُّ مَدّ
فؤادي يا دمشقُ غدا هواءً.....رقيقَ القلبِ من يهواكِ يغْدو
شآمُ العِزِّ كَمْ باغٍٍ رماها........بسهمِِ الغَدْرِ، كان لهُ يُرَدُّ
وكمْ طاغٍ أرادَ بها مُراداً........بِثَوْبِ الذُلّ يَرْفُلُ ثُمّ يَعْدو
فلا سَلِمَتْ أيادٍ باتَ فيها......نوايا الغَدْرِ نحوكِ قَدْ تُمَدّ
فشامُ العز مثوى كل حر..... وحاملةُ الرماحِ بها تَشُدّ
رسولُ الله خيرُ الخَلْقِ أَثْنى....عليكِ الخيرَ للأَزْمانِ خُلْدُ
فَلَوْ ما أنتِ يا فيحاءُ رُكنٌ.........لدينِ اللهِ والأنوارُ تبدو
لما أعطاكِ رَبُّ العَرْشِ فَضْلاً.....فأرضُ الشامِ يوم الحَشْرِ مَهْد
فيا لهفَ الفؤادِ إلى لُقاها .......متى رَحْلُ المودةِ قد يُشدّ؟